العملات المستقرة: الهروب المالي للأرجنتين أمام التضخم المفرط

الواقع القاسي: وصلت نسبة التضخم في الأرجنتين إلى 161% في 2023. انخفضت قيمة البيزو بلا هوادة، ورأى ملايين المواطنين مدخراتهم تتبخر. لكن وسط الفوضى، ظهرت حل غير متوقع: العملات المستقرة.

لماذا أصبحت USDT و USDC أساسية

ليس من المبالغة القول إنه بالنسبة للعديد من الأرجنتينيين، توقفت العملات المستقرة عن كونها تجربة مشفرة لتصبح أداة للبقاء المالي:

• حماية المدخرات: بينما ينهار البيزو، تحافظ USDT و USDC على قيمتها المرتبطة بالدولار
• المعاملات اليومية: اشترِ بلا خوف من أن تأكلك عمولة تقلبات سعر الصرف
• الرواتب بالعملات المستقرة: بدأ أصحاب العمل الدفع بالعملات المستقرة لحماية موظفيهم
• تحكيم بدون مخاطر: استراتيجية “الرولو”

“رولو”: اللعبة التي تحرك الملايين

هذه ربما تكون الأكثر إبداعًا ( والأكثر جدلًا ) من العملات المستقرة في الأرجنتين. الآلية بسيطة ولكنها عبقرية:

1. تقوم بتبديل الدولارات مقابل USDT/USDC
2. تقوم بتحويلها إلى البيزو باستخدام سعر الصرف “الموازي” ( الأكثر ملاءمة من الرسمي )
3. تكرر الدورة
4. الربح: يصل إلى 4% لكل معاملة

أبلغت منصات محلية مثل Ripio و Lemon Cash و Belo عن زيادات تتراوح بين 40-50% في حجم المعاملات بعد أن شددت الحكومة الرقابة على صرف العملات. الترجمة: يبحث الناس عن بدائل لأن النظام المصرفي التقليدي لا يقدم استجابة.

الإطار القانوني: حليف أم عدو؟

قانون رقم 27.739 حاول تنظيم الأصول الافتراضية بموجب متطلبات مكافحة غسيل الأموال. يبدو الأمر جيدًا على الورق، ولكن في الممارسة العملية أدى إلى:

• عدم اليقين: هل العملات المستقرة هي أموال؟ أم أوراق مالية؟ أم ملكية؟
• الضرائب العدوانية: الأرباح الخاضعة للضريبة تصل إلى 15%، مما يثبط من التبني
• مراقبة بنكية مفرطة: التحويلات المتكررة تثير الآن الأعلام الحمراء

ميلي وتأثير “كريبتو”

وصل خافيير ميلي بموقف واضح مؤيد للعملات المشفرة، حيث وعد بإزالة البنوك من الاقتصاد. كان الخطاب جذاباً حتى أيد العملة الميمية $LIBRA… ومن ثم انفجر الفضائح السياسية. العبرة: حتى الحكومات الصديقة للعملات المشفرة يمكن أن تخلق فوضى تنظيمية بخطوة خاطئة.

العملات المستقرة مقابل بقية العالم

الأرجنتين ليست وحدها. تواجه فنزويلا وتركيا ونيجيريا مشاكل مشابهة وتلجأ أيضًا إلى العملات المستقرة. لكن ما يجعل الحالة الأرجنتينية فريدة هو نظام سعر الصرف الثنائي والرقابة الصعبة على الصرف: هذا يجعل العملات المستقرة ليست مجرد أداة مالية، بل فعل مقاومة اقتصادية.

المخاطر الحقيقية

ليس كل شيء وردياً. المخاطر الرئيسية:

• تنظيم مستقبلي غير متوقع: قد يمنع الحكومة كل شيء غدًا
• التقلبات السياسية: كل تغيير في الإدارة يجلب قواعد جديدة
• الهجمات السمعة: حالات مثل $LIBRA تقوض الثقة الجماعية
• ضغط النظام المصرفي التقليدي: البنوك تفقد عملاءها

جوهر المسألة

بالنسبة لملايين الأرجنتينيين، تمثل العملات المستقرة شيئًا أعمق من مجرد بديل استثماري: إنها الجسر بين اقتصاد وطني مكسور والاستقرار العالمي. تقدم ما لا يمكن أن يعد به البيزو أو المؤسسات المالية المحلية: التوقع.

بينما تستمر الأرجنتين في الأزمة، ستظل العملات المستقرة طوق النجاة الذي يحتاجه الكثيرون. السؤال هو، كم من الوقت سيتسامح الحكومة مع تخطي مواطنيها النظام الرسمي لحماية أموالهم.